مع ازدياد عدد الضحايا في غزة إثر الهجمات الإسرائيلية وإطلاق صواريخ المقاومة على عمق الأراضي المحتلة، تتصاعد نيران الحرب يوما بعد يوم، وفي غضون ذلك تتسع دائرة الحرب الكلامية بين المسؤولين الصهاينة، كما فشلت الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. ونتيجة لذلك، يُعتقد أن القادة العسكريين والسياسيين الصهاينة يسعون لإطالة أمد الحرب في الأسابيع وحتى الأشهر المقبلة. وعليه، فإن السؤال الأساسي هو ما إذا كان الكيان الصهيوني قادرا على إطالة أمد الحرب مع غزة؟ ورداً على هذا السؤال، وبالنظر إلى المستويات الثلاثة للتحليل الداخلي والإقليمي والدولي، قدّر أن إمكانية إطالة أمد الحرب لإسرائيل مستحيلة وغير عملية.
التحديات على المستوى الداخلي
يجب البحث عن جزء مهم من أسباب عجز الكيان الصهيوني عن إطالة أمد الحرب في التطورات الداخلية للأراضي المحتلة والمواجهة مع الفلسطينيين.
أولاً: في الأيام الأخيرة، أدت قوة الضربات الصاروخية لمقاومة غزة إلى مواجهة شرسة بين القادة العسكريين والسياسيين الصهاينة، حيث كشفت حماس لأول مرة عن صواريخ بمدى 250 كم ورأس حربي أكثر قوة ودقة. كما ان الفلسطينيين واثقون الآن من أنه سيتم اتخاذ المزيد من الأعمال العسكرية في مواجهة الهجمات الصهيونية. وأعلن المتحدث باسم سرايا القدس أبو حمزة، أن هذه الكتائب ما زالت تمتلك العديد من المفاجآت التي ستحير العدو. وقال أبو حمزة عن الضربات الصاروخية الأخيرة على الأراضي المحتلة "صواريخنا وصلت إلى الخضيرة وتل أبيب". لذلك، في حالة يمكن أن يؤدي فيها استمرار الهجمات إلى اندلاع انتفاضة جديدة في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية، ستكون الانتفاضة الجديدة صاروخية.
ثانيا: في الأيام الأخيرة، تم تقييد قاعدة بيانات الكيان الصهيوني لغزة، والتي يجب أن تكون أساسا للهجمات على قطاع غزة بالنسبة لهم، حيث استهدف الصهاينة بشكل أساسي مكاتب حماس السياسية والرسمية، ومنازل القادة، والمكاتب الإعلامية والتي لديها تأثير ضئيل على القوة العسكرية للمقاومة من الناحية الاستراتيجية. لذلك، يمكن توقع أنه في أقل من شهر، سيواجه الكيان الصهيوني نقصا في المعلومات حول أهدافه الاستراتيجية وسيضطر إلى تدمير منازل المدنيين والارتقاء إلى مستوى النقد الدولي لقتل المدنيين.
وفي غضون ذلك، تعد قاعدة بيانات المقاومة أكبر بكثير من الأهداف الاستراتيجية والحيوية في الأراضي المحتلة في القطاعات العسكرية والاقتصادية والبنية التحتية والسياسية، ومع استمرار حرب الضربات الصاروخية أصبحت المقاومة لهذه المراكز قادرة على إلحاق ضرر شديد بالكيان الصهيوني.
ثالثًا: إن إطالة أمد الحرب سيكبد الصهاينة تكاليف محلية لا يمكن إنكارها، وخاصة نتنياهو. يعد انتشار الفوضى الداخلية أحد التحديات الداخلية الرئيسية في الأراضي المحتلة، والتي أصبحت معضلة لحكومة نتنياهو في الأيام الأخيرة. كما أن تصعيد الصراع بين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة وبين الصهاينة سيسبب أزمة أمنية داخلية. ومن ناحية أخرى، من خلال إثبات عدم فعالية الدروع الدفاعية المكلفة للقبة الحديدية لإحباط ضربات المقاومة الصاروخية، فإن إطالة أمد الحرب سيسمح لمزيد من هلاك قوات الاحتلال، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم أزمة نتنياهو. بينما سعى نتنياهو إلى حشد الأحزاب اليمينية لدعمه منذ بداية الحرب في غزة، لم يحدث هذا حتى الآن، بل أدى إلى توسيع الفجوة بين الطيف اليميني. وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى كلام أفيغدور ليبرمان، وزير الحرب السابق وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي انتقد بشدة سياسة نتنياهو في مهاجمة قطاع غزة وأقر بضعف هذا الكيان ضد المقاومة الفلسطينية.
احتمال حدوث توتر إقليمي مع المقاومة
وبعود البعد الاخر لقيود الكيان الصهيوني على إطالة فترة الحرب مع غزة إلى مستوى التطورات الإقليمية. إن حقيقة أن تصاعد التوترات مع غزة أدى إلى اتساع نطاق الحرب مع محور المقاومة هي قضية أثيرت في السنوات الأخيرة في الدوائر السياسية والعسكرية للكيان الصهيوني ومحور المقاومة. الآن وقد خرجت سوريا من الحرب على الإرهاب، وأصبح الأمن في مكانه، أصبحت قضية معاقبة العدوان الصهيوني في السنوات الأخيرة من خلال مساعدة المقاومة في غزة خيارا لدمشق. ومن ناحية أخرى، أعلن حزب الله اللبناني وجماعات المقاومة العراقية وأنصار الله اليمنية، كجيوش إقليمية أخرى قوية للمقاومة، مؤخرا عن استعدادهم لمواجهة الكيان الصهيوني في القدس وغزة.
إدانة دولية لجرائم الكيان الصهيوني
أخيرا، البعد الثالث الذي يمكنه ان يقيد الكيان الصهيوني وهجماته المستمرة على غزة مرتبط بالضغط الدولي. حيث أدان المجتمع الدولي، وخاصة العالم الإسلامي، بشدة الأحداث في القدس ضد التطهير العرقي والانتهاكات الأولية لحقوق الإنسان من قبل الصهاينة، وتشكلت موجة عالمية ضد الإجراءات الإسرائيلية. هذا وتنتشر أصوات الاحتجاج حتى داخل مجتمعات الدول الغربية التي طالما التزمت الصمت إزاء الاحتلال الصهيوني. وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما في النقل السريع والأقل تشويها للأحداث إلى العالم الخارجي، وهذا يحبط محاولة الصهاينة للتستر على جرائمهم بحق أهل غزة. وفي ظل هذه الظروف، من المحتمل جدا أن نشهد انتفاضة عالمية ضد الكيان الصهيوني مع استمرار الحرب واستمرار قصف المدنيين في قطاع غزة المكتظ بالسكان
LINK: https://www.ansarpress.com/english/22381